ورد في القرآن الكريم آيات كثيرة تتضمن عِظَمَ قدره ورفعة ذِكْرِهِ وجليل مرتبته وعُلُوَّ درجته وتشريف منزلته صلى الله عليه وسلم فمن ذلك {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً} وهذا إخبار بمنزلة النبي صلى الله عليه وسلم في الملأ الأعلى بأنه يُثْني عليه عند الملائكة وأن الملائكة تصلى عليه ثم أمر العالم السفلي بالصلاة والتسليم عليه فيجتمع الثناء عليه من الله وأهل العالمين العلوي والسفلي ومن ذلك قوله تعالى {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ} وفي هذه الآية مَنْقبة ظاهرة له صلى الله عليه وسلم إذ عبَّرتْ عن ذلك بلفظ الماضي ولم يقل: (سنعطيك) ليدل على أن هذا الإعطاء حَصَلَ في الزمان الماضي ولا شك أن من كان في الزمان الماضي عزيزًا مرعي الجانب أشرف ممن سيصير كذلك كأنه سبحانه يقول (يا محمد قد هيأنا أسباب سعادتك قبل دخولك في هذا الوجود فكيف أَمْرُكَ بعد وجودك واشتغالك بعبوديتنا يا أيها العبد الكريم؟ إِنَّا لم نعطك هذا الفضل العظيم لأجل طاعتك وإنما اخترناك بمجرد فَضْلِنَا وإِحْسََانِنَا مِنْ غير موجب) ومن ذلك أنه تعالى أقسم عَلَى ما أنعم به عليه وأظهره من قدره العَلِيِّ بقوله {وَالضُّحَى وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى}وأيضاً قوله تعالى {أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ}